السبت، مارس 21، 2009

كان جدي .. بضع كلمات





كان جدي عجوز .. صامت .. بعين واحدة

وهذا هو كل ما أذكره عنه 


في يوم عادي .. أيقظتنا طرقاتٌ غير عاديه على الباب

بيتنا لم يكن يحوى رجل في هذا العام
لم نعد مع أبي لبلد النفط بعد الحرب

أمي تغلق باب المنزل بثلاث أقفال

تهرول لتسأل من الطارق

تفترض الأفضل 

فعقلها الطيب يرفض تقبل فكرة موت العجوز المريض

بالنسبه لي هو يوم التغيب من المدرسه 

مهما كان ما سوف يزفه خالي لنا ... فهو خبر يحمل معه التغيب عن المدرسه 

لا أعلم كيف أتسعت عربة إبن عمها لأجسادنا الخمس وخالي والسائق

بعد إلحاح أمي .. قذف خالي الخبر لها 

ووضع يده على فمها 

ليمنع صوتها من إيقاظ شوارع لم يوقظها نور الشمس بعد




نساء القرية تجمعن مرتديات السواد

وأمي التي أرهقها البكاء ترهق بدنها بأعمال المنزل وإعداد الطعام للنسوه والرجال



لم يكن سطح جدتي مسلي في هذا اليوم



كنت دائماً أهوى التواجد على السطح .. كان لي ملاذ ومهرب
كان أجمل ملعب 

لكن في هذا اليوم كان الوضع مختلف 

كنت أسترق النظر على أمي من حين لآخر 

هذا الجلباب ليس لها 
لماذا لم يتمهل جدي لتحضر أمي جلبابها 


أن أمي تطهو 

أن أمي تحمل الماء


من أخبرنى أن هذه اللحظه هامه ؟؟؟

هل هو تجمع الرجال أمام بيت جدي!

هل هو صوت بكاء النسوة المتعالي !

هل هو حديث قلبي الذي دائما يلقيني بخبرات ليست لي !

من الذي أخبرني بأن تلك اللحظه هي لحظة " دخول الخشبة " وكيف لعقلي الطفل أن يعي معنى ذلك


أمي تبكي بشدة 

يخرج جدي محمولٌ على الأكتاف 

الرؤيه تضيق من تزاحم النسوة

ألقي بنفسي بين السواد

لأنتقل من الباب الخلفي للمنزل إلى الأمامي

لماذا لا تحمل ذاكرتي لهذا اليوم سوا مشاهد متقطعه لأمي؟؟

أين أخوالي ؟؟

لماذا لا أذكر أني لهوت مع أولادهم كما هو مفترض

أركض لألحق بأمي

وتركض لتلحق بأبيها 
أقصد نعش أبيها 

تنهار أمي

وتلتقطها أيدي النسوة

وأنزوي أنا علي حيرتي

تنتفض أمي من البكاء
وينتفض قلبي
لماذا تبكي! لما تفعل في نفسها هكذا ! لقد كان جدي عجوز جداً

أغوص خلف خشب باب البيت 

وأيدي النسوة تجر أمي رجوعاً لوسط البيت 

أشعر أن هذا المشهد لن يمحى يوماً من عقلي

وأحزن كثيراً من أمي






لم يستطع عقلي الطفولي إستيعاب أن تعذب أمي نفسها هكذا 








أمي الغاليه 
إن كل الكلمات عاجزه عن وصف حبي لك 
جزاك الله عنا أروع جنات النعيم