الجمعة، أغسطس 27، 2010

سلمى أنور / أما نشوف






كنت بالفعل قد بدأت خلع ملابسي في الصعد - وتخلصت منها تماماً بمجرد دخولي الشقة ... أفففففففففففف... مزيج من رائحة العرق ومزيله - قئ طفلي ممزوج بمحاليل بالإضافه لبعض من بوله أيضاً .
لملمت ملابسي الملقاه أرضاً وأنا أخرج ملابس طفلي المتسخة من حقيبة يدي - دخلت مسرعة للمطبخ قذفت بهم داخل" غسالة الملابس" غير مكترثة بأي برنامج أختار - ضغت زر " غلاية المياه" كوبي المزين بشعار مكان عمل زوجي .. سكر .. شاي .
قفزت داخل المغطس - محتضنه الماء بشوق لا يقدره سوا عمال البناء في نوبة الظهيرة .. لكني لا أستطيع أن أستمتع بتدفق الماء فوق جسدي أكثر من دقيقتين - لا أملك ترف الوقت هنا .
لففت جسدي بالمنشفه - جلبت الشاي - دلفت حجرتي اللتي ينام فيها زوجي وطفلي الأكبر .. أوووووووه .. في وسط كل هذه المشاكل الصحية التي نعاني منها مازال زوجي مصر أن المكان الأنسب للنوم هو التلاجه .
بحركة عصبية عدلت برودة المكيف - سحبت الغطاء لأغطي ظهر طفلي .
أمام دولاب ملابسي - في مثل هذه الظروف أنسب لباس هو عدم أرتداء شئ بالمرة - قئ أبني يحيل أي شئ إلى ممسحة أقدام .
أخترت بلوزة سوداء معتقدة أنها مناسبه " أكتشفت بعد ذلك كم أنا مخطأه ".
توجهت لباب المنزل وأنا أرتدي ملابسي وأحشي شنطة يدي بحفاضات أبني وملابسه - نظرت لساعة الحائط - لقد غادرت المشفى بوعد للممرضه بأن أعود بعد ربع ساعة .. قد أتمتت العشرين دقيقه فعلاً.
كدت أفتح الباب حين تذكرت أني أنتهيت من الكتاب الذي كان بصحبتي الأيام الماضية - نظرت لمكتبة ( الغربـة ) الصغيرة بما تحويه من خيارات محدودة للغاية - كنت أبحث عن كتاب مسلي ليس كئيب - هذا فقط طلبي .. لكن أمام تلك الكمية الصغيرة من الكتب كان هذا الطلب صعب بعض الشئ وكما قلت كنت لا أملك المزيد من الوقت .
سحبت كتاب نقش عليه ... الله - الوطن - أما نشوف.
في خلال ثواني كانت عشرات الأفكار تتزاحم وترتطم بصخب في رأسي .
تذكرت يوم جذبني عنوان الكتاب على رفوف معرض الكتاب فى مصر أثناء عطلتي الأخيرة - وكيف أني أبتعته برغم عدم سماعى يوماً بـ " سلمى أنور " صاحبة الكتاب .
نظرت لشعار دون أسفل الكتاب - وهممت بإرجاعه - لم أكن في حالة تسمح بالمجازفه مع مبتدئين - خاصة أن كاتبات دار دون لم يعلوا مستواهم فوق الجيد في معظم ما وقع في يدي .
نظرت مسرعه لساعة يدي - يجب أن أعود لطفلي الأن قبل أن تأخذه مني أمرأة ما مختلة - وضعت الكتاب بحقيبة يدي المزدحمة ... وغادرت.


فى الخامسة فجراً - يوم الخميس الموافق ٣ - ٦ - ٢٠١٠ أكتشفت سلمى أنور .
من مقدمة الكتاب علمت أني سوف أهيم بهذا القلم حباً .
كنت آكل صفحات الكتاب بعيني - لم ينغص عليّ حالة الإستمتاع الرائعة والإنتشاء - سوا حالة طفلي الصحية .
ذكائها - ثقافتها - مستوى تعليمها - أسلوبها - لغتها العربية السلسه التي لا تشبه ما يقرأ منذ فترة - كل هذا تستطيع إكتشافه من أول صفحة في الكتاب - في البدايه ظننت أنها وضعت أفضل ما لديها /عنها في بداية الكتاب كي تبهر القارئ وتجبره على المواصله " وهو حقاً تصرف ذكي يتبعه العديد من الكتاب " لكني أكتشفت أن التالي أفضل حقاً - كلما قلبت صفحة تكون لدي أعجاب أشد بكثير من سابقه - من أول عشر صفحات أنتابني شعور بأن " البلد لسه بخير " وأن المستقبل ليس بالسواد الذي كنت أظنه وكل صفحة من المائه وخمسون كانت تأكيد لحالة إنتشائي الفكري - بل أني توقعت " حياة بمبي " وترف ورقي ثقافي " في عموم المجتمع قريباً.
كتاب سلمى ( كــتــاب ) ليس مطلقاً " لزق كلام " ولا " تجميع خواطر " كما أنه أيضاً ليس بـ " حالة " مع كل تقديري لكتاب الحالات .
لكن تلك الأفكار والإتجاهات والمعتقدات تصنيفات ولا تصنيفات وقصص سرد ومواضيع نقد تعدت مجرد كونها حالة منذ أمد ولن أخفى أن السبب الأساسي فى أنبهاري بهذا الكتاب - هو موافقتي على كل ما ورد فيه .
كان هناك داخلي شئ يبتسم كما أنتقلت من سطر لسطر أخر بمعدل مثل هذا فلقد " تشققت " بشرة هذا الشئ من نوبة الإبتسام المفاجئ - وقد كاد الإبتسام يتحول إلى " فشه عايمه " من فرط السعادة عندما أجدها تتبنى نفس الفكرة التي أنتابتني - لكني عجزت عن صياغتها وبلورتها لجعلها فكرة بهذا الوضوح .
كنت دائماً أنبهر بشعر شاعر ورد على لسانه ما جال داخلي وعجزت أنا عن قوله - بمرور الوقت زال الإنبهار وحل محله حسد شديد ... لماذا قاله هو بينما ضاعت المفردات مني أنا !!! ؟؟؟
مع سلمى كانت مشاعر المتعه والإنبهار والسعادة مغلفه بقدر لا بأس به من هذا الحسد .
سملى أنور - فتاة أصبحت كل ما أردته - حققت ما حلمت به - كتبت ما فكرت فيه - وصاغت تلك الأفكار بلغة شديدة التميز وأسلوب راقي سلس محسوس .
بعد أنتهائي من قراءة كتاب سلمى - علمت جيداً السبب وراء أصرار أمي عدم تناول أي طعام لفترة بعد أحتساها كوب الشاى الأحمر الغير محلى .. لقد ترك كتاب سلمى مذاق فكري شعرته فور فراغي من قرائته - جعلني أكتفي به طول اليوم ... لم أرد أن يفسد مذاقه شئ أخر .


الأربعاء، أغسطس 18، 2010

لعبة









سُحْقا لِكُل الْأَضْوَاء الْمُطْفَأَة
فَوْق رَأْسِي الْمُنْحَنِي
سُحْقا لِكُل الْطُّرُق الْمُرْتَعِشَة
تَحْت أَقْدَامِي الْمُسْرِعَة
فِي طَرِيْق الْبَحْث عَنْك - عَن أَحْضَانِك
سُحْقا لِكُل قَوَانِيْن الْمُرُوْر
وَمُخَالافَّات الْسِيَر
وَإِشَارَات مَنَع الْدُّوران
التِي تَمْنَعُنِي مِن إِلْقَاء جَسَدِي فِيْك
أَو تَحْجُبُك مِن الْدُّخُوْل إِلَي

سُحْقا لِتذَاكِر الطَّيَرَان السَّخِيفَة
لَم أَفْهَم يَوْما حُلُوْل تِلْك الْطَلَاسِم
سُحْقا للْطَّائِرَات
وَالْمُضِيفَات
وَوجِبَات الْطَّعَام الْبَارِدَة
وَشَاشَات الْتَّلْفَزَة الْمُتَاحَة وَالمُشَفْرة
خَاصَّة الْمُشَفَّرَة
سُحْقا لِجَهَاز الْتَحَكُّم الْغَبِي
يَأْتِي لِي بِالْعَالِم
وَيُلْقِيَك بُعْدَا عَنِّي
سُحْقا لِلْإِلِقَاء وَلِلِّقَاء وَلِلْبُعْد عَنِّي وَمِنِّي

هَذَا الْكُرْسِي اللَّعِيْن - أَهْتَز عَلَيْه طِوَال لَيْلِي
يَضُمُّنِي بِحَنَان كَأَنَّي أَبَنْتُه
أَبْكِي عَلِيِّه طَوَال لَيْلِي
يَسْتُرُنِي بِحَنَان كَأَنَّي أَبَنْتُه
أَرْتَعِش عَلَيْه طَوَال لَيْلِي
يَدَثِرُني بَحْنَان كَأَنَّنِي أَبَنْتُه
أُلْقِي عَلَيْه مَائِي طَوَّالِ لَيْلِي
يُخْفِيه بِحَنَان كَأَنَّنِي حَبِيْبَتِه

سُحْقا لَصَوْت الْهَاتِف الْمَحْمُوْل
يَأْتِيْنِي يصَوتِك
وَلَا يَأْتِيْنِي بِك

أَضُم زِرَاعِي حَوْل خَصْرِي وأضغّط
أَسْحَق جَزَعِي
أَبْتِسِم بِحُزْن
وَأَنَام بِعُمْق
تَأْتِيْنِي أَنْت
كَأَنَّك لَم تُغَادِرُنِي أَبَدا
مَازِلْت أُعابَثّك بِدَلَال فِي مَدْخَل الْشُّقَّة
وَأَرَفَضَك بِإِصْرَار بِجِوَار حَامِل المَلَابِس
وَأَضِمِك بِأَطْرَافِي الْأَرْبَع
فَوْق صَدْرِي

تَلْهَث فَوْق جَزَعِي الْمَسْحُوق
تُحَرِّر خَصْرِي الْمَضْغُوط
أَحْزَن بِسَعِادّة غَامِرَة
وَأَطْلَق وِثَاق رُوْحِي فِيْك
تَلْمَع عَيْنَاك أكَثُر
وَأَصْغَر عِشْرُوْن سَنَة فِي رَمْشَة عَيْنُك
تُجْزِعنّي أَصاعِبك بِوَصْفَي مَرْمَر
تَقْطَعْنِي شِفَاهِك كَأَنِّي تَمُر
تَلْوُكُنِي أَسْنَانُك أَكْثَر
فَأَنْضِج بِجَمَال طِفْلَة
لِشَهْوَة إِمْرَأَة مَلْعَب

سُحْقا لِسِيقَانِي الْطَّوِيْلَة
سَحْقَا لِكُل أَعْمِدَة الْمَرْمَر
وَالْحَجَر الْأَسْوَد
وَالْأَقْبِيَه الْمَنْسِيَّه الْمُتَعَفِّنَة بِمِيَاه الْصَّرْف الْصَّحَي
سَحْقَا لِي

أَعْلَم أَنَك لَن تَأْتِي أَبَدا
ذَاكِرَتِي لَم تَعُد تَسْمَح
مُسِحَت مِن أَوَّل أَمْس
أَمْس الْبَعِيْد وَأَوَّلَه
ذَاكِرَتِي تَحْتَاج لشَاحِن
مُّدَخَلاتِه لِغَيْرِك لَن تَرْضَخ
فَأُسْد الْأَبْوَاب فِي وَجْهِه
وَنَوَافِذ جَرحي تَتَرَنَّح

سَأِمْت طُفُوْلَة عِنْدَك تِلْك
وَخَوَاء نَوْبَات جُنُوْنِك
وَسَئِمْت الْلُّمْعَة بِعُيُوْنِك
وَكَلَامُك الْقَاسِي الْمُغْرِي
لَم تَعُد قَسّوَتِك تُغْرِيْنِي
وَجُنُونُك بِجُنُوْنِي غُطَا
لَم تَكُن عُيُوْنِك لتَأْوِيْنِي
قَد آنْكّر يَوْمَا أَحْزَانَي
قَد أَنْكَر جِمِيْلِك الْقَدِيْم
لَاكِنِي لَسْت كَالَقَطُه
لَن آِكُل أَبْنَائِي لِأَرْحَل
سَأَعُوْد ف الْيَوْم الْثَّانِي
وَلَن تَجِد مِن حِضْنَي بُدَيْل