الثلاثاء، أكتوبر 12، 2010

حمرااااااا




طيلة فترة مكوثي في منزل أبي – لم أذهب للتسوق أبداً أقصد بالتسوق شراء مستلزمات المنزل – أو بالأصح مستلزمات المطبخ , كان هذا عمل فتاه فقيرة تأتي لوالدتي كل أسبوع لجلب الخضروات والفواكه وأحياناً السمن والبيض والجبنه والقشطه .



حتى عندما ملت أمي من ردائة الأنواع وإرتفاع أسعارها – لم تفكر بأن أقوم أنا بهذا الدور- بل قررت فعل ذلك بنفسها – وهكذا – أنتقلت لبيت زوجي دون أن أشتري ف بيت أبي كيلو طماطم واحد يوحد الله .


في منزل زوجي أستمر نفس المسلسل ولكن لأسباب أخرى أسفل العمارة محل لبيع الفاكهه والخضار – أطلبهم أي وقت بالتليفون – يصعد لي الطفل البائس المنهك المتعب – ويلقي بالأكياس من يده أمام اباب " فتتفعص " الطماطم – وينفرط الليمون .


تلك التراكمات الثقافيه أدت لدي لنوع غريب من التعالي على من أراهم يقفون أمام عربة الخضار بكيس وكفه – وهم منهمكون في " التنقيه " ثم تحديد الوزن .


دائماً ما كانت تتداعى لفظة حمرا – كلما شاهدت مشهد التكالب أمام عربة الخضروات – ونفس اللفظ عندما أستيقظ صباحاً على صوت" العيييييييييييش – شامي أبيض "أو عندما أشاهد سعر كيلو اللحم ب 65ج على الزجاج الفخم للمحل المجاور للمنزل – أو شرائي لفاكهه وأكتشافي أن الفاكهه البلاستيك التي يلعب أبني بها لها لون ورائحة أكثر من تلك المشتراه دائماً لفظة حمرا .


ثم توسع الإستخدام الذهني لتلك اللفظه - وإرتباطها بإرتفاع ضغط الدم لدي – أو " تبريق " عنيا – أو دخولي في نوبة من نوبات " الإزبهلال" المتكررة .


في الأونه الأخيرة أحتلت تلك اللفظه الصدارة وأنا أتابع يوماً الإرتفاع السريع في سعر كيلو الطماطم– أعتقد أن لفظة مجنونه لم تعد واقعية ودقيقه لوصف الموقف مثل لفظة " حمراااا "


المذهل هو عندما أستيقظت يوماً لأجد كل صور بروفايل الأصدقاء على المواقع الإجتماعية تحمل نفس اللفظه – كما وجدت نفس الصورة على مدوناتهم الخاصة – بل وأستبدل بعضهم أسمه بلفظة حمرا- كأن الشعب كله قد " نط ف نفوخي " وشعر بمدى إحمرار المجتمع – وقرر صبغ الفضاء الإلكتروني به.


ثم علمت أن هذا الحمار – هو " وقفة"" إلكترونية إعتراضاً على فصل الكاتب أبراهيم عيسى من جريدة الدستور – وحمرا وهو أسم أحد برامج عيسى الأخيرة – والتي رأى فيها المناضلون والمثقفون أفضل تعبير لإختزال الوضع !!!!!


وأن كنت حتى الأن لا أعلم هل هم أختزلوه حقاً – أم أنهم تماشوا مع " الوضع " حرفياً – بأي حال لا يفرق أختزاله من " نفشه " هنا – فعندما طالعت خبر أن أعتصام الصحفيين " أنفض " بعد الموافقه على مطالبهم – وبعد قراءتي لبيان فيه تلك المطالب – والتي لم يذكر فيها عيسى من قريب أو بعيد – وبعد أن أحتار المتابعون في وصف الموقف– هل هو أنتقالي – أم قمعي – أم أن الرزق يحب الخفية – لم أستطع أنا المتابعه أكثر من هذا – بسبب ألم شديد في عيني – فأصبحت " حمرااااااااااااااااا "